سورة الإسراء - تفسير تفسير الواحدي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الإسراء)


        


{وجعلنا الليل والنهار آيتين} علامتين تدلاَّن على قدرة خالقهما {فمحونا} طمسنا {آية الليل} نورها بما جعلنا فيها من السَّواد {وجعلنا آية النهار مبصرة} مُضيئةً يُبصر فيها {لتبتغوا فضلاً من ربكم} لتبصروا كيف تتصرَّفون في أعمالكم {ولتعلموا عدد السنين والحساب} بمحو آية اللَّيل، ولولا ذلك ما كان يُعرف اللَّيل من النَّهار، وكان لا يتبيَّن العدد. {وكل شيء} ممَّا يُحتاج إليه {فصلناه تفصيلاً} بينَّاه تبييناً لا يلتبس معه بغيره.
{وكلَّ إنسان ألزمناه طائره في عنقه} كتبنا عليه ما يعمل من خيرٍ وشرٍّ {ونخرج له} ونُظهر له {يوم القيامة} صحيفة عمله منشورةً.
{اقرأ كتابك} أَيْ يُقال له: اقرأ كتابك {كفى بنفسك اليوم عليك حسيباً} مُحاسباً يقول: كفيتَ أنت في محاسبة نفسك.
{من اهتدى فإنما يهتدي لنفسه} ثواب اهتدائه لنفسه {ومن ضلَّ فإنما يضلُّ عليها} على نفسه عقوبة ضلاله {ولا تزر وازرة وزر أخرى} وذلك أنَّ الوليد بن المغيرة، قال: اتَّبعوني وأنا أحمل أوزاركم، فقال الله تعالى: {ولا تزر وازرةٌ وزر أخرى} أَي: لا تحمل نفسٌ ذنب غيرها {وما كنا معذبين} أحداً {حتى نبعث رسولاً} يُبيِّن له ما يجب عليه إقامةً للحجَّة.
{وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها} أمرناهم على لسان رسولٍ بالطَّاعة، وعنى بالمترفين: الجبَّارين والمُسلَّطين والملوك، وخصَّهم بالأمر لأنَّ غيرهم تبعٌ لهم. {ففسقوا فيها} أَيْ: تمرَّدوا في كفرهم، والفسق في الكفر: الخروج إلى أفحشه {فحقَّ عليها القول} وجب عليها العذاب {فدمرناها تدميراً} أهلكناها إهلاك استئصال.


{من كان يريد العاجلة} بعمله وطاعته وإسلامه الدُّنيا {عجلنا له فيها ما نشاء} القدر الذي نشاء {لمن نريد} أن نعجِّل له شيئاً، ثمَّ يدخل النَّار في الآخرة {مذموماً} ملوماً {مدحوراً} مطروداً لأنَّه لم يرد الله سبحانه بعمله.
{ومن أراد الآخرة} الجنَّة {وسعى لها سعيها} عمل بفرائض الله {وهو مؤمن} لأنَّ الله سبحانه لا يقبل حسنةً إلاَّ من مؤمنٍِ {فأولئك كان سعيهم مشكوراً} تُضاعف لهم الحسنات.
{كلاً} من الفريقين {نمدُّ} نزيد، ثمَّ ذكرهما فقال: {هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك} يعني: الدُّنيا، وهي مقسومةٌ بين البرِّ والفاجر {وما كان عطاء ربك محظوراً} ممنوعاً في الدُّنيا من المؤمنين والكافرين، ثمَّ يختصُّ المؤمنين في الآخرة.
{وانظر كيف فضلنا بعضهم على بعض} في الرِّزق، فمن مُقلٍّ ومُكثرٍ {وللآخرة أكبر درجات وأكبر تفضيلاً} من الدُّنيا؛ لأنَّ درجات الجنَّة يقتسمونها على قدر أعمالهم.
{لا تجعل} أَيُّها الإِنسان المخاطب {مع الله إلهاً آخر فتقعد مذموماً} ملوماً {مخذولاً} لا ناصر لك.


{وقضى} وأمر {ربك أن لا تعبدوا إلاَّ إيَّاه وبالوالدين إحساناً} وأمرَ إحساناً بالوالدين {إمَّا يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما} يقول: إن عاش أحد والديك حتى يشيب ويكبر، أو هما جميعاً {فلا تقل لهما أف} لا تقل لهما رديئاً من الكلام، ولا تستثقلنَّ شيئاً من أمرهما {ولا تنهرهما} لا تُوجِهْهُما بكلامٍ تزجرهما به {وقل لهما قولاً كريماً} ليِّناً لطيفاً.
{واخفض لهما جناح الذل} ألن لهما جانبك واخضع لهما {من الرحمة} أَيْ: من رقَّتك عليهما وشفقتك {وقل ربِّ ارحمهما كما ربياني} مثل رحمتهما إيَّاي في صغري حتى ربَّياني {صغيراً}.
{ربكم أعلم بما في نفوسكم} بما تُضمرون من البِرِّ والعقوق {إن تكونوا صالحين} طائعين لله {فإنَّه كان للأوابين} الرَّاجعين عن معاصي الله تعالى {غفوراً} يغفر لهم ما بدر منهم، وهذا فيمن بدرت منه بادرةٌ وهو لا يُضمر عقوقاً، فإذا رجع عن ذلك غفر الله له، ثمَّ أنزل في برِّ الأقارب وصلة ارحامهم بالإِحسان إليهم قوله: {وآت ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل} ممَّا جعل الله لهما من الحقِّ في المال {ولا تبذر تبذيراً} يقول: لا تنفق في غير الحقِّ.
{إنَّ المبذرين} المنفقين في غير طاعة الله {كانوا إخوان الشياطين} لأنَّهم يُوافقونهم فيما يأمرونهم به، ثمَّ ذمَّ الشَّيطان بقوله: {وكان الشيطان لربه كفوراً} جاحداً لنعم الله، وهذا يتضمنَّ أنَّ المُنفق في السَّرف كفور.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8